-

“وفاة” وزير خارجية السعودية عمر السقاف في

(اخر تعديل 2024-09-09 15:42:53 )

وطن- قبل كل شيء لا بد من التعريف بهذا الدبلوماسي الشهير عمر السقاف فقد كان ثاني أذكى الساسة السعوديين، بعد عبدالله الطريقي وزير النفط السعودي في عهد الملك سعود بن عبدالعزيز، الأخير رفض مسايرة الملك فيصل في كل ما يريده فطرده، أما الأول فقد تعاون مع الأمير فيصل بن عبدالعزيز بدء من الانقلاب على الملك سعود وحتى مقتل السقاف نفسه عام ١٩٧٤، فاحتفظ به الملك فيصل وكافأه بل واتخذه أحد أقرب مستشاريه دون منازع.

وثمة كلمة حق لا بد من الأعتراف بها، ان “السقاف” رغم خوضه مستنقعات السياسة القذرة التي فرضت عليه من قبل حكامه السعوديين، الا أنه ظل حتى وفاته يحاول ان يفيد بلده والعرب والمسلمين بقدر المستطاع في ظل الظروف العصيبة التي خدم فيها ملكه فيصل بن عبدالعزيز.

عاش عمر السقاف في عهد الملك فيصل، بين الف نار ونار، فكان عليه ان يساير الحكومة الأمريكية في عهد نيكسون وهنري كيسنجر، وكان عليه ان يساير “القناة الخلفية” لهنري كيسنجر بعيدا عن السياسة الرسمية، وكان عليه ان يساير سياسة “صناع النفط” الأمريكيين، وكان عليه ان يساير كيسنجر قبل فضيحة “ووترقيت” وبعدها، بالذات في قضية قطع النفط، وكان عليه ان يساير كيسنجر في عهد الرئيس الامريكي الجديد فورد بعد سقوط نيكسون، فكان كيسنجر يخشى ان يلحق بصاحبه نيكسون، وكان عليه ان يساير المعارضين الامريكيين لسياسة نيكسون أيضا.

وكان على السقاف ان يساير بعض ساسة الغرب والذين لم يكونوا دوما في صف الحكومة الأمريكية.
وكان عليه ان يساير مطالب الاقليات المسلمة في مختلف دول العالم، والتي ذهبت لرصيد الملك فيصل حيث كانت جزء من مشروعه ليكون الزعيم الإسلامي الأوحد، وهو المشروع الذي بدأه أثناء صراعه مع جمال عبدالناصر.

وكان على عمر السقاف ليس فقط ان يدير مشاريع الملك فيصل “البطولية” في العالم كله، بل كان عليه أيضا ان يحمي مليكه فيصل من إخوته ” الأمراء السديريين” ومن مشاريعهم التي كانوا يعدونها من أجل تقوية انفسهم في الداخل، وعلى رأسهم الامراء “فهد وسلمان وسلطان” بل وازاحة كل من يقف في طريقهم من أجل الوصول للحكم.

لقد منع عمر السقاف الأمير فهد من زيارات عديدة غامضة إلى أمريكا للالتقاء بهنري كيسنجر! في إحدى الزيارات، قام عمر السقاف بمنع الأمير فهد من السفر في الساعة الأخيرة، مع انه استطاع السفر سرا واجرى لقاءاته مع كيسنجر عدة مرات، كما منع الأمير فهد من زيارة ليبيا وذلك قبل شهرين من مقتل السقاف، بالطبع كان المنع مطلبا من الملك فيصل، فلم يكن بمقدور السقاف ان يتخذ قرارا بشأن اي فرد من أفراد الأسرة الحاكمة دون إذن من الملك فيصل.

في إحدى المرات شكا عمر السقاف للسفير الأمريكي في الرياض جيمس اكينز من ان الأمير فهد لطالما تخطى بروتوكولات الخارجية السعودية وقواعدها من خلال أسفار ما.

كما كان على عمر السقاف ان يساير الرئيس المصري أنور السادات والرئيس السوري حافظ الأسد وليبيا والجزائر بالذات في حرب أكتوبر ١٩٧٣، رغم اختلافهم، وحاول التوفيق بينهم مع الأمريكيين.

وفوق كل هذا كان محاطا بأشخاص في الخارجية السعودية، أما يعملون لصالح “الأمراء السديريين” أو الامريكيين أو كلاهما، ثلاثة من المقربين من دائرة السقاف في الخارجية والذين يعملون معه بطريقة مباشرة، كانوا يعملون لصالح الأمريكيين وبالذات هنري كيسنجر، وهم: زين الدباغ وخالد الناصر التركي وعبدالرحمن القاضي، ومهمتهم نقل كل حركة يقوم بها السقاف خلال اجتماعاته وسفرياته للخارجية الأمريكية او كيسنجر شخصيا ، فكان لدى هنري كيسنجر على الاقل ادلة عديدة ان ما يقوله السقاف لهم يختلف عن الواقع، وهو الذي “نافقهم” في أحوال عديدة.

فرغم مديح عمر السقاف الدائم لهنري كيسنجر الا أن كمال ادهم أبلغ الأخير بأمور مختلفة تماما، مع مديحه المسموم الشهير لكيسنجر المعلن حين قال السقاف “نتمنى لكيسنجر النجاح دوما ولكن ليس على حساب العرب”.

في ١٦ فبراير من عام ١٩٧٤ وقبل مقتله بثمانية أشهر، استدعي عمر السقاف من قبل هنري كيسنجر الى واشنطن حيث كان في نيويورك حينها، وقبل أن تصل طائراته واشنطن بعشر دقائق حدث انفجار فيها، ادى لجرح مضيفة طيران كانت على متنها بجراح خطيرة، كما ادى الانفجار إلى تحطيم أحد نوافذ الطائرة، ومع ذلك لم تصدر الحكومة الأمريكية ولا السعودية اي تقرير بشأن الحادث، رغم غضب وزير الخارجبة السعودي عمر السقاف ومطالبته بمعرفة ما جرى، اعلنت السلطات الأمريكية فيما بعد أن ما حدث كان جراء انفجار ماكينة “القهوة”!.

وقبل مقتل عمر السقاف بثمانية ايام كان هنري كيسنجر في الرياض وقابل الملك فيصل ولكن مقابلته مع الأمير فهد وسلطان، كانت أطول!، لم يستقبله عمر السقاف في المطار على غير عادته، والسبب كان كما قيل آنذاك لأسباب صحية!، لكنه كان في وداعه، وطلب منه هنري كيسنجر أن يزوره قبل اجتماعات الأمم المتحدة والتي حضر افتتاحها ولكن لم يكتب له القدر أن يشارك فيها.

عثر على عمر السقاف ميتا، في مساء ليلة ١٤ نوفمبر ١٩٧٤ ب”الجلطة الدماغية” حسب ما ادعت السلطات الأمريكية، وذلك في فندق “والدروف استوريا” في نيويورك، وخلال ثلاثين ساعة كان جثمانه في جدة، الساعة الثامنة صباحا بتاريخ ١٦ نوفمبر، مع نزول الطائرة ترانزيت في إحدى الدول لنقل بعض الأشخاص، استعجال غريب يبدو فيه أنه لم يتعرض لفحص طبي أو معرفة حالة الوفاة طبيا.

فعندما أبلغت الحكومة الكمبودية في اليوم التالي ل”وفاة” عمر السقاف في نيويورك، هنري كيسنجر من انها تود تعزية الملك فيصل وأسرة الفقيد، رد كيسنجر على وزير خارجيتها “لمعلوماتك: ستكون مراسم الجنازة سريعة وخاصة” ولا ادري كيف يقرر كيسنجر مصير مراسيم جنازة بأن تكون خاصة وسريعة لسياسي شهير وفي بلد آخر؟ ثم لماذا خاصة وسريعة؟!!.

كان على متن الطائرة التي نقلت جثمان عمر السقاف مستشار هنري كيسنجر الخاص “روي اثيرتون” وبالطبع يرافق الجثمان رجال كيسنجر الثلاث في الخارجية السعودية”:زين الدباغ وخالد الناصر التركي وعبد الرحمن القاضي.

وقد أكد السفير الأمريكي في الرياض لكيسنجر أن الجثمان بقي لدى أسرته مدة ٤٥ دقيقة ومن ثم نقل للمدينة من اجل دفنه، مع شرح كامل للأحداث التي جرت بخصوص ترتيبات تغسيل جثمانه وحتى نقله للمدينة من أجل دفنه.

(عندما استتبت الأمور للأمير فهد أثناء “حكم” الملك خالد، عين زين الدباغ سفيرا في اليابان وخالد التركي سفيرا في إيطاليا والقاضي سفيرا في السويد).

يؤكد صائب سلام رئيس وزراء لبنان السابق لمجلة الحوادث عام ١٩٧٦ ان الملك فيصل قد أسر لأحد المقربين منه بأن كيسنجر قد تخلص من عمر السقاف وأنه قد أمر بتشريحه سرا ووجده قد مات مسموما!.
ناهيك ما ذكرته زوجة عمر السقاف من “ان الامريكيين قتلوا زوجي” حسب ما نقلته عنها ابنة الرئيس اللبناني سليمان فرنجية، صونيا في مذكراتها.

لماذا قتلوه؟

في بداية عام ١٩٧٤ بدأت مراحل غرق الرئيس الأمريكي نكسون تصل حد الخطر، وكان لا بد من أي موقف بطولي يرفع من اسهمه في عيون الشعب الأمريكي، فتم الإتفاق أن يأتي عبر خطاب موجه من الرئيس الأمريكي لشعبه يعلن فيه رفع حظر النفط، كانت السعودية عندها الاستعداد لتقديم هذه “البطولة” لنيكسون، ولكنها تعذرت بالدول العربية الأخرى الرافضة مثل ليبيا والجزائر وسوريا ومصر، ووعد السعوديون بأنهم سيحاولون نزع الموافقة منها، ولكنها رجت في نفس الوقت من الحكومة الأمريكية تقديم على الاقل وعدا بحل القضايا التي تم قطع النفط بسببها، كنوع من حفظ ماء الوجه ولكن الحكومة الأمريكية رفضت، كانت السعوديون يريدون الخروج من هذه الورطة بنوع من الكرامة، خاصة وأن الملك فيصل حاز على شهرة إسلامية تاريخية بسبب حظر النفط، فلم يشأ أن يقدمها على طبق من ذهب ليغسل بها فضائح رئيس أمريكي كان قد بلغ حد الإنهيار (سقط بعد سبعة اشهر).

لذا كان لا بد من الاستعانة بابليس تلك المرحلة وهو هنري كيسنجر والذي كان يريد أن يحمي صاحبه ليحمي نفسه هو، فقد كان يخشى ان يسقط معه، ولكن “يهوديته” حمته، واستطاع أن يستمر مع الرئيس الأمريكي الذي جاء بعده (فورد).

وحين تردد الملك فيصل ووزير خارجيته السقاف، انتظارا لموافقة الدول العربية، تدخل “هنري كيسنجر” كي ينقذ صاحبه (مع أنه سرا كان مع قطع النفط)، كما واعترف لصحفيين خلال إحدى سفرياته على ان يكون ليس للنشر، بأنه لا يعطي fuck عما اذا استمر الحظر او لم يستمر.

لكنه هنا وعلنا تدخل بكل قوة وغطرسة ووقاحة، مهددا ومتوعدا، مما اغضب وزير خارجية السعودية عمر السقاف والذي رفض عرض رسالة كيسنجر على الملك فيصل، كان كيسنجر يستقوي بعرض الأمير فهد : رفع حظر النفط وزيادة الإنتاج بكل ما تريده أمريكا!.

لا أحد يعلم كافة تفاصيل هذه الرسالة الغاضبة من هنري كيسنجر للملك فيصل والتي ارسلت عبر نسختين، نسخة عبر كمال ادهم ونسخة عبر السفير الأمريكي في الرياض “جيمس اكينز”.

عندما عرض كمال ادهم على عمر السقاف، الرسالة لعرضها على الملك فيصل، صمت السقاف طويلا ثم قال: “أن كاتب هذه الرسالة قد فقد حواسه” فتبدو أن الرسالة خطيرة جدا بحيث ان كمال ادهم نسيب الملك نفسه لم يستطع عرضها على الملك شخصيا مع أنه زوج أخته.

ثم قال السقاف موجها حديثه لكمال ادهم: هذه الرسالة كاذبة ومهينة لدرجة أنه لا يمكن تفسيرها إلا على أنها قرار من الولايات المتحدة بإنهاء نفوذها والتخلي عن مصالحها في العالم العربي، كما أنه استغرب من الابتزاز بنشر المراسلات ما بين نيكسون وكيسنجر من طرف وما بين السعوديين من طرف آخر، وقال السقاف ان السعودية لم تفكر يوما بنشر الأسرار ما بين الادارتين وفي اي ظرف من الظروف، مع ان ما قامت به الحكومة السعودية من اتصالات ومراسلات كانت من أجل حماية الرئيس الأمريكي نكسون في ظل ما يتعرض له، واضاف، اننا لم نر اي مؤشر لضرر ما وقع على أمريكا بسبب قطع النفط، فهل كان على العرب فقط اتخاذ إجراءات لحماية رئاسة ريتشارد نيكسون. وتساءل كيف يمكن للإدارة أن تفكر بجدية في الإفراج عن هذه المراسلات. ولكن إذا أرادوا ذلك، فلن يكون لدى السعوديين أي اعتراض. وسننشر أيضا نحن ما تخشى الإدارة الأمريكية من نشره.

وفي كل الأحوال- يضيف السقاف لكمال ادهم- أن فضح الرسائل وسرد الاجتماعات مع الوزير كيسنجر ستكشف إلى أي مدى تحرك السعوديون استجابة لرغبات الولايات المتحدة، وسيكشف الى اي مدى تنازلنا فقد كان الملك فيصل قد قال بإن المقاطعة ستستمر حتى تتم استعادة حدود عام ١٩٦٧، بما في ذلك القدس، ثم تنازل وقال إنه يكفي أن تضع الحكومة الأمريكية خطة للانسحاب الإسرائيلي الكامل ثم تضمنه، ولم تفعل امريكا شيئا، ويلغ بنا ان نتنازل أكثر ونوافق على عرض حكومة جنوب أفريقيا من إن الانسحاب الإسرائيلي من سيناء سيكون كافيا، وأخيرا قبلنا بفك الارتباط الإسرائيلي المصري ووافقنا عليه – كما أخبرهم الملك فيصل (الحديث للسقاف) انه لا زال يحاول إقناع الدول العربية الأخرى بالموافقة على رفع المقاطعة الآن. وكانوا يأملون في أن يتخذ هذا الإجراء!.

وقال السقاف لكمال ادهم إنه والملك فيصل قد وثقا في كيسنجر والرئيس نيكسون صراحة، ومع ان هذه الثقة لم يشترك فيها معنا العالم العربي والذي حاولنا اقناعه بصحة موقفنا، لكن تبين ان العرب كانوا على حق وأن ثقتنا فيهما لم تكن في مكانها ..لا يمكن تفسير رد الفعل العدائي هذا من واشنطن إلا على أنه اعتراف واشنطن بأنها لا تنوي حقا ممارسة الضغط على إسرائيل، ولن تتمكن حكومة الولايات المتحدة أبد، بل لا ترغب في حمل إسرائيل على الانسحاب.

وقال عمر السقاف لادهم، إنه سيتعين على السعوديين أيضا البدء في إعادة تقييم موقفهم، يجب مراجعة الارتباط العسكري الأمريكي السعودي!، فالعديد من الدول الأوروبية حريصة على ابدال الأمريكيين!. سيتعين على المملكة العربية السعودية التفكير في البدء في سحب أموالها من البنوك الأمريكية! ، ويمكن للولايات المتحدة أن تنسى المشاركة في أي من برامج التنمية الكبيرة في المملكة.

واضاف السقاف لقد كانت الولايات المتحدة هي التي أرادت المملكة العربية السعودية الاعتماد عليها، لكن اذا كان هذا هو موقفها الذي في الرسالة، فيبدو ان الأمر قد انتهى الآن، لذا يتعين على السعودية أيضا مراجعة علاقاتها مع أرامكو وستتصل السعودية الآن بالدول الأوروبية واليابان التي تقدمت بمقترحات لصفقات ثنائية وسنبدأ بوضع برامج للتصنيع والاستثمار مقابل النفط السعودي.

“يمكننا العيش بدونهم تماما”!!!

هذا الرد الشخصي لعمر السقاف على رسالة هنري كيسنجر أمام حاملها كمال أدهم والذي اوصل كل ما قاله السقاف لكيسنجر (كمال ادهم لعيون كيسنجر فقط – الأرشيف الوطني، مواد نيكسون الرئاسية، ملفات مجلس الأمن القومي، ملفات مكتب كيسنجر – قسم 022671. ب. مذكرة DCI 4 فبراير “السياسة النفطية العربية”).
فهل قتله كمال ادهم أو اشترك بقتله بهذا الفعل الذي لا يمكن لهذا السياسي الشرير “كيسنجر” ان يغفره خاصة وأنه غارق حتى رأسه في فضيحة “ووترقيت” مع سيده نيكسون وفضائح أخرى ولا يحتمل كارثة مثل هذه، فيما لو نفذ السقاف تهديداته.

مع ان عمر السقاف أبلغ السفير الأمريكي جيمس اكين فقط بأنه سيضطر لنشر ما لم ينشره الأمريكيين، لكن ادهم قدم لهم الجمل بما حمل.

أثناء الاعداد لهذه الرسالة وفي حديث ما بين هنري كيسنجر ومساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، جوزيف سيسكو، يقول له كيسنجر: افتح “ملف” السقاف.. اريد ان تكون الرسالة أكثر قوة.. ضع في نهايتها: “أنا هنا محاط بمجانين لا أعلم ماذا سيفعون اذا وصلتهم اوامري!”.

العجيب أن هنري كيسنجر عندما بلغه رد السقاف عبر كمال ادهم، أصيب بالقلق، ففي عام ٢٠٠٤ ومن ضمن المكالمات الهاتفية لهنري كيسنجر التي تم الكشف عنها من قبل الارشيف الأمريكي، كشف عن محادثة هاتفية ما بين هنري كيسنجر ووكيل الخارجية للشؤون الأمنية وليم دونالدسون،بتاريخ ٢٤/ ١/ ١٩٧٤، يقول فيها الأخير لكيسنجر” قد يكشفون (السعوديون) عن شهادات اكينز (السفير الأمريكي في الرياض)، وتعلم فيها أمور عديدة ستضرنا اذا كشفت في هذا الوقت.

كيسنجر: مثل ماذا؟

دونالدسون: الكثير من الملاحظات السيئة حول الملوك المختلفين. الكثير من الإشاعات حول الصفقات مع شركات النفط.

كيسنجر: وماذا تقترح؟

دونالدسون: اقترح ان نطلب من ستان اندرسون أن يعدل بعض الأشياء!، وان يطلب من السفارة الأمريكية(في الرياض) رفع شهادة جاك اروين من السجل كاملا لأن من شأنها ان تضر بالحظر النفطي، وتنبيه اكينز (السفير ) بحذف اراءه الشخصية.

كيسنجر: اشكرك واوافقك الرأي!.

وحتى السفير الأمريكي في الرياض جيمس اكينز، استبشع رسالة كيسنجر وتردد في ايصالها، وأخبر كيسنجر بأنه ليس بهذه الطريقة تدار الامور مع العرب، بل بالاسلوب الطيب، وقال له أن وزير خارجية هولندا جوزيف لونز كان صديقا مقربا لعمر السقاف، لكن لونز حين سب العرب أثناء حرب أكتوبر، حقد عليه السقاف وقاطعه، بل واستثنى هولندا من الدول الأوروبية وشملها بقطع النفط بسبب هذه المسبة.

يقول الصحفي الأمريكي “ريتشارد فاليرياني” والذي رافق هنري كيسنجر طويلا في اسفاره، في كتابه”اسفاري مع هنري”: (في الواقع اشتبه بعض السعوديين الأذكياء في تورط الولايات المتحدة في مقتل الرجلين، السقاف والملك فيصل، وذلك لأن وزير الخارجية السقاف قد توفي في نيويورك وأن الملك فيصل اغتيل على يد أحد أفراد الأسرة الذي غادر الولايات المتحدة مؤخرا”.

والاذكياء أيضا سيستغربون أكثر، حين يعلمون ان هنري كيسنجر كان في الرياض بتاريخ ٦ نوفمبر ١٩٧٤ واجتمع مع الأمير فهد واخوته السديريين على حدة، بعد اجتماعه بالملك فيصل والسقاف، اي قبل “وفاة” عمر السقاف في نيويورك بثمانية أيام، وأن هنري كيسنجر أيضا كان في الرياض بتاريخ ١٩ آذار ١٩٧٥، ومع اجتماعه مع الملك فيصل الا أنه اجمتع مع الأمير فهد على حده، وذلك قبل اغتيال الملك فيصل بستة ايام!.

العجيب أن الملك فيصل لم يحقق علنا في وفاة أحد أنبل من وقفوا معه، خاصة بعد أن علم أنه قضي بالسم، حتى لا يحرج الأمريكيين، وربما خاف، أو عرف انه الهدف القادم، فبعد أربعة أشهر اغتيل هو الآخر ولم يعلن حتى يومنا هذا عن حقيقة ما جرى في إغتياله.