وطن- أثار زلزال المغرب العنيف الذي ضرب منطقة الحوز ضواحي مراكش، التساؤلات في صفوف المغاربة الذين خرج غالبيتهم إلى الشوارع مرعوبين من شدة الاهتزازات التي طالت المدن.
وانتشرت الكثير من الشائعات والتحليلات الفاقدة لأي سند علمي في وسائل التواصل الاجتماعي، دفعت البعض إلى المبيت خارج المنازل خوفا من تكرار الهزة بشكل أقوى وأعنف؛ الأمر الذي شكك فيه خبراء في الجيولوجيا والزلازل، وفق تقرير لصحيفة هسبريس المحلية.
فمن جانبه، قال بدر الصفراوي الخبير والباحث في علوم الطبقات الأرضية والرسوبيات، إن الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز بالنسبة للجيولوجيين أمر متوقع.
وأضاف أن القشرة الأرضية بالمنطقة يخترقها فالق كبير ينطلق من أغادير وبداية سلسلة جبال الأطلس الكبير مرورا بالجزائر ويصل حتى تونس.
وأشار إلى أن هناك فالق تزنتاس المعروف بالمنطقة يجعلها معرضة في أي لحظة للزلزال، موضحا أن الأرض تعرف حركية داخلية، وعندما تتحرك صفيحة تكتونية تتكسر وتنبعث منها طاقة كبيرة تنتشر عبر الأرض على شكل هزات تختلف درجة قوتها.
وأكّد أن الهزة التي عرفتها البلاد هي الأقوى منذ سنوات، وحتى عمق الزلزال المحدد في 8 كيلومترات جعل الإحساس به من قبل المواطنين أكبر، لافتا إلى أن تسجيل 7 درجات على مقياس ريختر تولد شدة وطاقة هائلة.
هزات مقبلة
وأوضح الصفراوي أن الزلازل من هذا النوع من الضروري أن تتبعها هزات ارتدادية أخرى، تكون شدتها في الغالب أقل من الهزة الأولى، لكنه أشار إلى أن هذا الأمر لا يعني أن لا تكون هزات مشابهة أو أعنف من الهزة الأولى.
وعن توقع اهتزازات جديدة، قال الخبير إنها تبقى أمرا طبيعيا؛ لأنه عند حدوث انزلاق صفيحة تكتونية ما يحتاج إلى أن تستعيد توازنها، وهذا يتم عبر هزات أخرى، نافيا إمكانية التنبؤ بالوقت الذي يمكن أن تحدث فيه الهزات الجديدة.
توقع العالم الهولندي
وكان عالم الزلازل الهولندي فرانك هوغربيتس، قد عاد ليثير الجدل بشأن ما إذا كان قد تنبأ بزلزال المغرب، فقبل أيام، كتب قائلا: “اليوم يتقارب اقترانان كوكبيان مع عطارد والزهرة مع اقترانين قمريين مع المشتري وأورانوس. وفي 6 سبتمبر، حدث تقارب آخر مع عطارد والزهرة. أتوقع مجموعة من الهزات القوية قريبًا. 5 إلى 7 سبتمبر”.
وأشار الباحث المغربي، إلى أنه يمكن تحديد المناطق المهددة بالزلازل، لكن تحديد الوقت الذي سيضرب فيه الزلزال هذا غير صحيح ولا يمكن، في إشارة إلى أن التكهنات والسرديات التي جرى الترويج لها الليلة الماضية محض افتراء وتضليل، على حد وصف التقرير.
وعي المواطنين
من جهته، شدد لحسن كبيري، الخبير الجيولوجي، على أهمية التركيز على التوعية بالزلازل وطريقة التعامل معها من طرف المواطنين، مؤكدا أن هذه الظاهرة الطبيعية أضحت واقعا ينبغي التأقلم والتكيف معها في المستقبل.
وأوضح أن السلطات ينبغي أن تركز على البينات التحتية ومراقبة البناء في المناطق المعرضة للزلازل والحرص على أن تكون وفق المعايير الضرورية التي تتحمل شدة الزلازل.
وأشار إلى أن المشاهد المتداولة بخصوص المناطق التي ضربها الزلزال تبين أن المباني الحديثة صمدت وقاومت أكثر، في مقابل المباني القديمة التي من الطبيعي أن تنهار بسبب شدة وقوة الزلزال.
تحذير من التهاون
وحذر كبيري مما سماه التهاون في التعاطي مع الموضوع، قائلا: “علينا ألا نتهاون؛ لأن الطبيعة تشتغل والأرض حية والمناطق مهددة باستمرار بالزلازل، والتي لا تتوقف وإنما تختلف درجات استشعارنا لها”.
وقال كبيري: “المنطقة معروفة بأنها مهددة بالزلازل، وتحتاج إلى التوعية، وهذا الزلزال ينبغي أن نستخلص منه العبرة والدرس”، لافتا إلى أن المباني التراثية والتاريخية التي تشكل عامل جذب للسياح الأجانب، خاصة في مراكش وأحوازها، يجب ترميمها وإعادة تأهيلها وفق دراسات ومعايير علمية مضبوطة من أجل الحفاظ عليها كتراث عالمي من الاندثار بسبب الزلازل.
زلزال المغرب
وتعرض المغرب لزلزال عنيف، خلّف دمارا واسعا في بلدات وقرى من المملكة، فيما أعلنت وزارة الداخلية المغربية عن ارتفاع عدد ضحايا الزلزال حتى الآن إلى ما يقارب 2100 قتيل، وسط مخاوف من زيادة هذه الحصيلة.
وقالت منظمة الصحة العالمية، إن نحو 300 ألف شخص تضررا من الزلزال في مراكش وضواحيها.