-

محمد بن زايد ينتقم من أكاديمي بارز انتقد

محمد بن زايد ينتقم من أكاديمي بارز انتقد
(اخر تعديل 2024-09-09 15:42:53 )

وطن- استنكر حقوقيون استمرار حبس الأكاديمي الإماراتي البارز الدكتور ناصر بن غيث، في سجون الإمارات منذ 9 سنوات، بسبب تغريدة نشرها عبر حسابه بتويتر انتقد فيها انتهاك حقوق الإنسان وقمع الحريات في مصر على يد نظام السيسي.

وبحلول شهر أغسطس الجاري، يكون قد دخل الدكتور ناصر بن غيث عامه التاسع في سجون الإمارات إثر تعرضه لمحاكمة غير عادلة أسفرت عن حكم مغلظ بسبب التغريدة المشار إليها الخاصة به.

ويواجه الأكاديمي الإماراتي البارز تهمًا تتضمن إهانة الدولة، وتقويض الأمن العام، ونشر معلومات كاذبة، والتعاون مع منظمة محظورة.

وكان بن غيث صاحب رؤية اقتصادية ثاقبة، وكانت اسهاماته في هذا المجال مهمة، بما في ذلك الدعوة إلى الحريات والمشاركة السياسية.

الدكتور ناصر بن غيث
الأكاديمي الإماراتي الدكتور ناصر بن غيث

مركز مناصرة معتقلي الإمارات يدين اعتقال بن غيث

وبحسب “مركز مناصرة معتقلي الإمارات” يعد حياد القضاء أصلاً من أصول القضاء المستقل، ولذلك فإن القوانين تحرص على حياد منصة القضاء، و التأكيد على أن القاضي الذي يتولى الفصل في المنازعة ليست له أية دوافع شخصية تجعله يميل إلى هذا الطرف أو ذاك.

ومبدأ الحياد، هو ما يجعل من القضاء جهة مقبولة لأن تكون حكماً في الخصومات والمنازعات التي تنشأ بين الجمهور عامتهم وخاصتهم، جاهلهم ومتعلمهم، حاكمهم ومحكومهم، فالأصل حينما ينظر القاضي في منازعات الخصوم، أن يتنحى عن نظر القضية إذا استشعر بالحرج، أو إذا توافرت فيه حالة من حالات الرد، أو حالات عدم الصلاحية، أو حالات المخاصمة.

فالقاضي إنسان، وهو بطبيعته البشرية له عواطفه وآراؤه الخاصة التي قد يتأثر بها في قضائه، فمهما تحلّى بالعدالة والنزاهة، فهو عرضة للتأثر بعواطفه أو أهوائه، أو آرائه التي سبق وأن أبداها في النزاعات التي فصل فيها، ومن ثم فمن العسير أن يطلب منه أن يكون مستقلاً في عمله محايداً بين الخصوم إذا وضع في موقف لابد وأن يتأثر فيه بعواطفه وآرائه.

وتأسيساً على مبدأ استقلال القضاء وحياده، فقد نظم المشرّع الإماراتي الاتحادي في المواد من 114-124 من قانون الإجراءات المدنية الاتحادي، أحكام عدم صلاحية القضاة وردهم وتنحيتهم، وأيضاً في المواد 206 و 207 من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي.

إذ تنص المادة من 206 من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي على أنه: “يمنع على القاضي أن يشترك في نظر الدعوى إذا كانت الجريمة قد وقعت عليه شخصياً”، كما تنص الفقرة الرابعة من المادة 115 على أنه يجوز رد القاضي إذا : “إذا كان بينه وبين أحد الخصوم عداوة أو مودة يرجح معها عدم استطاعته الحكم بغير ميل”.

لكن الغريب أن القانون الإماراتي ينتهك ضمانة حياد القضاء في قانون المحكمة الاتحادية العليا، حيث تنص المادة 34 على أنه: “لا يجوز رد رئيس أو قضاة المحكمة العليا”، وهذا يعني ببساطة أن ضمانات حياد القضاء لا تسري على أعضاء المحكمة الاتحادية العليا.

محمد بن زايد ينشر صور تقليد السيسى
محمد بن زايد ينشر صور تقليد السيسى

قاضي مصري ينتقم منه

وهذا الانتهاك لم يكن نظرياً فقط بل تم تطبيقه عملياً في حالة معتقل الرأي الدكتور ناصر بن غيث، حيث ترأس المحكمة قاض من الجنسية المصرية، وقد وجهت لبن غيث تهمة “ارتكاب عمل عدائي ضد دولة أجنبية”، وكان المقصود بهذه الدولة هي مصر، وذلك بسبب التغريدات التي انتقد فيها انتهاكات حقوق الإنسان في مصر وتسيس القضاء.

والحقيقة أن إسناد القضية إلى قاض مصري ينتهك مبدأ الخصومة القضائية وحياد القضاء، وكان الأصل على القاضي المصري أن ينتحى استشعاراً للحرج، لأن التغريدات التي كتبها بن غيث تمس بلده، وهو ما قد يؤدي إلى عداوة يرجح معها عدم استطاعته القاضي المصري الحكم بغير ميل، هذا من الجانب.

كان د. #ناصر_بن_غيث صاحب رؤية اقتصادية ثاقبة، وكانت اسهاماته في هذا المجال مهمة، حاولنا أن نستعيد بعضا من أقواله وأطروحاته من خلال تجميع مادة له، ساعدَنا الذكاء الاصطناعي في إخراجها بهذه الصورة.. pic.twitter.com/sGcmK1pIRC

— مركز مناصرة معتقلي الإمارات (@EDAC_Rights) August 19, 2023

أما من الجانب الآخر، فإن إسناد المهمة إلى قاضٍ مصري في قضية تمس النظام المصري رغم توفر قضاة إماراتيين أو حتى من جنسيات أخرى، يبدو وكأنها رسالة من السلطات الإماراتية لبن غيث، أننا قمنا بإحضار قاضٍ مصري لينتقم منك.

وهو أمر لا يكشف فقط عن عدم احترام السلطات الإماراتية لمبدأ الحياد في القضاء، بل أيضاً على الطبيعة السياسية والكيدية لمحاكمة الدكتور ناصر بن غيث، والتي إضافة إلى العوار القانوني الفاضح التي اعتراها من تعذيب وانتهاكات، فإنها كانت غير قانونية.

خصوصاً أن بن غيث تمت محاكمته أمام محكمة الاستئناف في أبوظبي وليس أمام المحكمة الاتحادية العليا، وبالتالي لا مجال للقول بأنه لا يمكن رد القاضي، وكان عليه أن يتنحى في قضية بن غيث على الأقل استشعاراً للحرج، لكن يبدو أن النظام القضائي في الإمارات لا يعرف الحرج ولا الحياء.