وطن- بعد مرور أقل من ثمانية أشهر على وقوع 35 قتيلا لهجمات شنها مقاومون فلسطينيون، تتعهد حكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو بأن تكون واحدة من أسوأ الحكومات في تاريخ إسرائيل من حيث أدائها في مواجهة المقاومين الفلسطينيين.
هكذا استهل موقع “المونيتور“، تقريرا له، قال فيه إنه في عام 2022، في ظل حكومة يسار الوسط برئاسة نفتالي بينيت ويائير لابيد، قُتل 34 إسرائيليًا في هجمات فلسطينية على مدار العام بأكمله.
القتيلة الخامسة والثلاثون هي بات شيفا ناجاري، وهي معلمة روضة أطفال وأم لثلاثة أطفال. وقُتلت يوم الاثنين على يد مقاومين فلسطينيين أطلقا أكثر من 20 رصاصة على سيارتها أثناء سفرها من مستوطنة في الضفة الغربية.
وأصيب السائق بجروح بالغة في الهجوم. ولم تصب ابنة ناجاري البالغة من العمر 12 عامًا، والتي كانت في السيارة أيضًا، بأذى جسدي.
غضب إسرائيلي
تثير هذه الموجة الأخيرة من الهجمات، غضب أكثر من مليوني إسرائيلي الذين صوتوا العام الماضي لصالح الأحزاب القومية المتطرفة والأرثوذكسية المتطرفة التي تشكل الحكومة الحالية، ما جعل نتنياهو في مأزق محرج.
وطوال 18 شهرًا من حكومة بينيت لابيد، هاجمها نتنياهو مرارًا وتكرارًا بسبب عدم كفاءتها في مواجهة المقاومين الفلسطينيين، وألقى باللوم على تعاونها السياسي مع حزب راعم الإسلامي الذي يتزعمه منصور عباس.
ومن مقاعد المعارضة، وعد نتنياهو مرارا وتكرارا بالقضاء عما سماه “الإرهاب” بمجرد عودته إلى السلطة، وقال إنّ الحكومة القوية وحدها هي القادرة على زرع الخوف في قلوب المهاجمين.
ولم يتم تنفيذ وعد نتنياهو خلال الأشهر الثمانية تقريباً التي تولت فيها الحكومة الإسرائيلية الأكثر راديكالية على الإطلاق، السلطة. وبسبب عدم وجود رد أفضل على الانتقادات المتزايدة لفشل حكومته في قمع الموجة الأخيرة من الهجمات يوم الاثنين، أشار نتنياهو إلى شيطانه المفضل وهي إيران، وفق التقرير.
في الغضون، قال مصدر أمني إسرائيلي كبير، شريطة عدم الكشف عن هويته: “نتنياهو على حق.. تبذل إيران بالفعل كل جهد ممكن لدفع الأسلحة والأموال إلى الأراضي وتشجيع الهجمات، لكن هذا ليس بالأمر الجديد”.
وأضاف: “لقد انخرط الإيرانيون في هذا لسنوات عديدة. والجديد هو الجرأة المتزايدة للمهاجمين من حيث توافر الأسلحة والحافز المتزايد.”
وبرأي التقرير، ليس لدى حكومة نتنياهو إجابة لهذا النوع من الهجمات. ففي أعقاب “هجوم الاثنين”، دعا عضو الكنيست يتسحاق كروزر من حزب القوة اليهودية إلى الانتقام.
ويرى العديد من الإسرائيليين، أن رد الفعل الحكومي يرمز إلى التهديد الذي تشكله الحكومة الحالية على الديمقراطية الإسرائيلية، بينما تمضي قدماً في تشريعات تهدف إلى إضعاف المحاكم وسلطات إنفاذ القانون.
وتحظى دعوات الانتقام بشعبية كبيرة لدى المستوطنين الشباب المتطرفين الذين ينفذون هجمات شبه يومية على الفلسطينيين. ففي ليلة الاثنين، في أعقاب مقتل معلمة الحضانة، ألقى العشرات الحجارة على سيارات يقودها فلسطينيون وعلى قوة شرطة إسرائيلية حاولت تفريقهم، حتى أنها قامت برش الضباط بالغاز المسيل للدموع.
كما جاءت محاولات انتقامية في أعقاب مقتل أب إسرائيلي وابنه يوم السبت بالقرب من قرية حوارة الفلسطينية، وهي معقل للمقاومين الفلسطينيين وعنف المستوطنين.
وبهذا المعدل، فإنّ التدهور الأمني المستمر إلى جانب الانكماش الاقتصادي العام يعرض حكومة نتنياهو السادسة للخطر.
وقال مصدر سياسي إسرائيلي رفيع، شريطة عدم الكشف عن هويته: “الدعوات للانتقام من داخل الائتلاف يمكن أن تزيد الأمور تعقيدًا بالنسبة لنتنياهو. لم يحدث أي مما وعد به، بل إن الوضع يزداد سوءًا”.
وحذر المصدر، من أنّ نتنياهو لن يتمكن من احتواء الأعضاء المتطرفين في ائتلافه، الذين يتعرضون بدورهم لضغوط من ناخبيهم، الذين أخذ بعضهم القانون بأيديهم.
وقال المصدر: “مثل هذه الأحداث ستؤدي إلى تعميق الصورة السلبية لإسرائيل في العالم، وقد تدفن جهود تحقيق السلام مع السعودية. نتنياهو خلق وحشا انقلب عليه الآن”.
ومن أجل التنفيس عن إحباطهم وغضبهم، يقوم المتطرفون في الإئتلاف وفي وسائل الإعلام الإسرائيلية اليمينية المتطرفة بإلقاء اللوم على وزير الدفاع يوآف غالانت، ورئيس الأركان اللفتنانت جنرال هرتسي هاليفي، واللواء يهودا فوكس، الذي يرأس القيادة المركزية للجيش، حيث تعرضوا لانتقادات شديدة في الأسابيع الأخيرة بسبب تراخيهم الشديد مع المقاومين.
وفي الوقت نفسه، يواصل حلفاء نتنياهو من الإعلاميين مهاجمة طياري سلاح الجو الاحتياطي الذين رفضوا الخدمة احتجاجاً على ما يعتبرونه انزلاق إسرائيل نحو الديكتاتورية.
وأشار التقرير إلى أن نتنياهو لا يفعل الكثير لوقف هذا المد ضد المؤسسة الأمنية وكبار مسؤوليها. فيوم الاثنين، بعد وقت قصير من هجوم إطلاق النار، وصل إلى مكان الحادث بالقرب من الخليل مع غالانت وأعرب عن دعمه لجميع المشاركين في مواجهة المقاومين.
لكنه كان أقل مما ينبغي، ومتأخراً جداً، وكان قسرياً للغاية. ويطالب كبار الضباط، بمن فيهم غالانت نفسه، بدعم قوي من نتنياهو، الأمر الذي سيجعل من الصعب عليه تحميلهم المسؤولية عن الهجمات الفلسطينية المستمرة، وفق “المونيتور”.
وقال المصدر السياسي: “سيتعين عليه في نهاية المطاف أن يتخذ موقفا ويلتزم به.. فكما لن يكون قادرا على تفكيك السلطة الفلسطينية وتحقيق السلام مع المملكة العربية السعودية، فإنه لن يكون قادرا على دعم الجيش الإسرائيلي والشاباك وفي نفس الوقت”.