فان جوخ: عبقري الفن وعلوم الفلك
لوحة "الليلة المرصعة بالنجوم": سحر فني وأسرار علمية
وطن – أظهرت دراسة جديدة أن اللوحة الشهيرة للفنان الهولندي فينسنت فان جوخ، والمعروفة بـ "الليلة المرصعة بالنجوم"، تحتوي على أسرار فلكية عميقة تتجاوز مجرد جمالها الجمالي. فقد تم إنجاز هذه التحفة الفنية في عام 1889، وتظهر الأبحاث أن هناك توافقًا ملحوظًا بين اللوحة والمبادئ الفلكية للسماء، مما يدل على فهم عميق للظواهر الطبيعية.
الاضطرابات الجوية في ضربات الفرشاة
أشارت الدراسة، التي تم نشر نتائجها في مجلة فيزياء السوائل، إلى أن ضربات فرشاة فان جوخ الجريئة لم تكن عشوائية، بل كانت مدروسة بعناية لتمثيل الاضطرابات الجوية غير المرئية. هذه الاضطرابات، المعروفة في علم ديناميكيات السوائل، تمثل تدفق الهواء غير المتساوي الذي يتسبب في تغييرات في صور السماء الليلية.
دور حجم ضربات الطلاء
وصرح المؤلف يونج شيانج هوانج قائلاً: “لقد كان لحجم ضربات الطلاء دور حاسم. وبفضل الصورة الرقمية عالية الدقة، تمكنا من قياس الحجم النموذجي لضربات الفرشاة بدقة ومقارنتها بالمقاييس المتوقعة من نظريات الاضطرابات.”
فان جوخ في عصره العلمي
المثير للاهتمام هو أن فان جوخ رسم هذه اللوحة الزاهية خلال وضح النهار داخل استوديو بلا نوافذ، كما أفاد موقع Artnet. يبدو أنه تنبأ بمبادئ في ديناميكيات السوائل التي لم تُكتشف إلا بعد حوالي قرن من الزمان، مثل مقياس حركة الطاقة الجوية الذي وضعه عالم الرياضيات جورج باتشيلور في عام 1959.
تحليل علمي لأساليب الطلاء
قام الباحثون بفحص أنواع مختلفة من ضربات الفرشاة في ظروف مشابهة، مثل أوراق الشجر التي تتمايل في مهب الريح، لتصنيف الظروف الجوية للرياح من حيث الشكل والطاقة. كما تم دراسة عوامل أخرى تتعلق بالسطوع داخل ألوان الطلاء المختلفة وعلاقتها بطاقة الحركة.
ارتباط فريد بين الفن والطبيعة
ومن خلال التجارب، بما في ذلك دراسة الأشكال الدوارة الأربعة عشر الموجودة في اللوحة، اكتشف العلماء أن لدى فان جوخ ارتباطًا فريدًا بحركة الأرض الطبيعية والمناظر السماوية.
وأضاف هوانج: “إن هذا يكشف عن فهم عميق وبديهي للظواهر الطبيعية. قد يكون التمثيل الدقيق لفان جوخ للاضطرابات ناتجًا عن دراسته لحركة السحب والغلاف الجوي أو من إحساس فطري بكيفية التقاط ديناميكية السماء.”
توافق فني مع قوانين الفيزياء
أظهرت الدراسة أن التوزيع المكاني والسطوع المتعمد في اللوحة يتوافقان مع الحركات الفعلية للغلاف الجوي ضمن نطاق الطاقة الحركية، والمعروفة علميًا باسم قانون كولموغوروف لعام 1940.
إعادة التفكير في فهمنا للاضطرابات الجوية
مع هذا الاكتشاف، ينظر الفريق البحثي الآن إلى تحفة فان جوخ من منظور جديد، مما يتيح لنا إعادة التفكير فيما نعرفه عن التيارات الهوائية والظواهر المرتبطة بها.
واختتم هوانج بقوله: “يبدو أن الوقت قد حان لاقتراح تعريف جديد للاضطرابات ليشمل المزيد من المواقف. إن دراسة لوحة ‘الليلة المرصعة بالنجوم‘ تمنحنا نظرة جديدة على كيفية تفاعل الفن والعلوم معًا.”
تشير هذه الدراسة إلى أن الفن والعلم ليسا منفصلين، بل يمكن أن يكمل كل منهما الآخر بطرق غير متوقعة. لوحة “الليلة المرصعة بالنجوم” ليست مجرد تحفة فنية، بل هي أيضًا تمثيل دقيق للظواهر الطبيعية، مما يعكس عبقرية فان جوخ وتفوقه على عصره.
وتبقى ليلة الحلقة 35